نص الآية الكريمة مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ
السورة 1 الفاتحة
رقم الآية 4
معلومات عن السورة عدد الآيات: 7
ترتيب المصحف: 1
ترتيب النزول: 5
نزلت بعد سورة: المدثر
مكية أم مدنية: مكية
رقم الصفحة 1
تفسير الجلالين 4 - (مَلِكِ يوم الدين) أي الجزاء وهو يوم القيامة ، وخُصَّ بالذكر لأنه لا ملك ظاهراً فيه لأحد إلا لله تعالى بدليل {لمن الملك اليوم لله} ومن قرأ {مالك} فمعناه مالك الأمر كله في يوم القيامة أو هو موصوف بذلك دائماً {كغافر الذنب} فصح وقوعه صفة لمعرفة
أسباب النزول لا يوجد أسباب النزول
تفسير ابن كثير قرأ بعض القراء "ملك يوم الدين" وقرأ آخرون "مالك" وكلاهما صحيح متواتر في السبع ويقال ملك بكسر اللام وبإسكانها ويقال مليك أيضا وأشبع نافع كسرة الكاف فقرأ "ملكي يوم الدين" وقد رجح كلا من القراءتين مرجحون من حيث المعنى وكلاهما صحيحة حسنة ورجح الزمخشري ملك لأنها قراءة أهل الحرمين ولقوله "لمن الملك اليوم" و " قوله الحق وله الملك" وحكي عن أبي حنيفة أنه قرأ "ملك يوم الدين" على أنه فعل وفاعل ومفعول وهذا شاذ غريب جدا وقد روى أبو بكر بن أبي داود فى ذلك شيئا غريبا حيث قال حدثنا أبو عبدالرحمن الأزدي حدثنا عبد الوهاب بن عدي بن الفضل عن أبي المطرف عن ابن شهاب أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية وابنه يزيد بن معاوية كانوا يقرؤن "مالك يوم الدين" قال ابن شهاب وأول من أحدث "ملك" مروان "قلت" مروان عنده علم بصحة ما قرأه لم يطلع عليه ابن شهاب والله أعلم. وقد روي من طرق متعددة أوردها ابن مردويه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها "مالك يوم الدين" ومالك مأخوذ من الملك كما قال تعالى: "إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون" وقال: "قل أعوذ برب الناس ملك الناس" وملك مأخوذ من الملك كما قال تعالى: "لمن الملك اليوم لله الواحد القهار" وقال: "قوله الحق وله الملك" وقال: "الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا" وتخصيص الملك بيوم الدين لا ينفيه عما عداه لأنه قد تقدم الإخبار بأنه رب العالمين وذلك عام في الدنيا والآخرة وإنما أضيف إلى يوم الدين لأنه لا يدعي أحد هنالك شيئا ولا يتكلم أحد إلا بإذنه كما قال تعالى: "يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا" وقال تعالى: "وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا" وقال تعالى: "يوم يأتي لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد" وقال الضحاك عن ابن عباس "مالك يوم الدين" يقول لا يملك أحد معه في ذلك اليوم حكما كملكهم في الدنيا قال ويوم الدين يوم الحساب للخلائق وهو يوم القيامة يدينهم بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر إلا من عفا عنه وكذلك قال غيره من الصحابة والتابعين والسلف وهو ظاهر وحكي ابن جرير عن بعضهم أنه ذهب إلى تفسير "مالك يوم الدين" أنه القادر على إقامته ثم شرع يضعفه والظاهر أنه لا منافاة بين هذا القول وما تقدم وأن كلا من القائلين هذا القول وبما قبله يعترف بصحة القول الآخر ولا ينكره ولكن السياق أدل على المعنى الأول من هذا كما قال تعالى: "الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا" والقول الثاني يشبه قوله تعالى: "ويوم يقول كن فيكون" والله أعلم. والملك في الحقيقة هو الله عز وجل قال الله تعالى "هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام" وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا "أخنع اسم عند الله رجل تسمى بملك الأملاك ولا مالك إلا الله" وفيهما عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ " وفي القرآن العظيم "لمن الملك اليوم لله الواحد القهار" فأما تسمية غيره في الدنيا بملك فعلى سبيل المجاز كما قال تعالى: "إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا" "وكان وراءهم ملك" "إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا" وفي الصحيحين "مثل الملوك على الأسرة". والدين الجزاء والحساب كما قال تعالى: "يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق" وقال: "أئنا لمدينون" أي مجزيون محاسبون وفي الحديث "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت" أي حاسب نفسه لنفسه كما قال عمر رضي الله عنه حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا وتأهبوا للعرض الأكبر على من لا تخفى عليه أعمالكم "يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية".
تفسير القرطبي الرابعة عشرة : قوله تعالى : "مالك يوم الدين" قرأ محمد بن السميقع بنصب مالك ، وفيه أربع لغات : مالك وملك وملك ـ مخففة من ملك ـ ومليك ، قال الشاعر : وأيام لنا غر طوال عصينا الملك فيها ان ندينا وقال آخر : فاقنع بما قسم المليك فإنما قسم الخلائق بيننا علامها الخلائق : الطبائع التي جبل الإنسان عليها . وروي عن نافع إشباع الكسرة في ملك فيقرأ ملكي على لغة من يشبع الحركات ، وهي لغة للعرب ذكرها المهدوي وغيره . الخامسة عشرة : اختلف العلماء أيما أبلغ : ملك أو مالك ؟ والقراءتان مرويتان عن النبي صلى الله عليه وسلم وابي بكر وعمر . ذكرهما الترمذي ، فقيل : ملك أعم وأبلغ من مالك إذ كل ملك مالك ، وليس كل ملك ملكا ، ولأن أمر الملك نافذ على المالك في ملكه ، حتى لا يتصرف إلا عن تدبير الملك ، قاله ابو عبيدة والمبرد . وقيل : مالك أبلغ ، لأنه يكون مالكاً للناس وغيرهم ، فالمالك أبلغ تصرفاً وأعظم ، إذ إليه إجراء قوانين الشرع ، ثم عنده زيادة التملك . وقال ابو علي : حكى ابو بكر بن السراج عن بعض من اختار القراءة بـ ملك ان الله سبحانه قد وصف نفسه بأنه مالك كل شيء بقوله : "رب العالمين" فلا فائدة في قراءة من قرأ مالك لأنها تكرار . قال ابو علي : ولا حجة في هذا ، لأن في التنزيل اشياء على هذه الصورة ، تقدم العام ثم ذكر الخاص كقوله : "هو الله الخالق البارئ المصور" فالخالق يعم . وذكر المصور لما فيه من التنبيه على الصنعة ووجود الحكمة ، وكما قال تعالى : "وبالآخرة هم يوقنون" بعد قوله : "الذين يؤمنون بالغيب" . والغيب يعم الآخرة وغيرها ، ولكن ذكرها لعظمها ، والتنبيه على وجوب اعتقادها ، والرد على الكفرة الجاحدين لها ، وكما قال : "الرحمن الرحيم" فذكر الرحمن الذي هو عام وذكر الرحيم بعده ، لتخصيص المؤمنين به في قوله : "وكان بالمؤمنين رحيما" . وقال ابو حاتم : إن مالكاً أبلغ في مدح الخالق من ملك ، و ملك أبلغ في مدح المخلوقين من مالك ، والفرق بينهما ان المالك من المخلوقين قد يكون غير ملك وإذا كان الله مالكاً كان ملكاً ، واختار هذا القول القاضي أبو بكر بن العربي وذكر ثلاثة اوجه ، الأول : أنك تضيفه الى الخاص والعام ، فتقول : مالك الدار والأرض والثوب ، كما تقول : مالك الملوك . الثاني : انه يطلق على مالك القليل والكثير ، وإذا تأملت هذين القولين وجدتهما واحداً . والثالث : أنك تقول : مالك الملك ، ولا تقول : ملك الملك . قال ابن الحصار : إنما كان ذلك لأن المراد من مالك الدلالة على الملك ـ بكسر الميم وهو لا يتضمن الملك ـ بضم الميم ـ و ملك يتضمن الأمرين جميعاً فهو أولى بالمبالغة . ويتضمن ايضاً الكمال ، ولذلك استحق الملك على من دونه ، ألا ترى إلى قوله تعالى : :"إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم" ، ولهذا قال عليه السلام : "الإمامة في قريش" وقريش أفضل قبائل العرب ، والعرب أفضل من العجم وأشرف . ويتضمن الاقتدار والاختيار وذلك امر ضروري في الملك ، ان لم يكن قادراً مختاراً نافذاً حكمه وأمره ، قهره عدوه وغلبه غيره وازدرته رعيته ، ويتضمن البطش والأمر والنهي والوعد والوعيد ، الا ترى إلى قول سليمان عليه السلام : "ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين * لأعذبنه عذابا شديدا" الى غير ذلك من الأمور العجيبة والمعاني الشريفة التي لا توجد في المالك . قلت : وقد احتج بعضهم على أن مالكاً أبلغ لأن فيه زيادة حرف ، فلقارئه عشر حسنات زيادة عمن قرأ ملك . قلت : هذا نظر الى الصيغة لا الى المعنى ، وقد ثبتت القراءة بملك ، وفيه من المعنى ما ليس في مالك ، على ما بينا والله أعلم . السادسة عشرة : لا يجوز ان يتسمى أحد بهذا الإسم ولا يدعى به إلا الله تعالى ، روى البخاري و مسلم عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض" وعنه أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ان أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك" ـ زاد مسلم ـ " لا مالك إلا الله عز وجل" قال سفيان : مثل شاهان شاه . وقال أحمد بن حنبل : سألت أبا عمرو الشيباني عن أخنع ، فقال : اوضع . وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"أغيظ رجل على الله يوم القيامة وأخبثه رجل كان يسمى ملك الأملاك ، لا ملك إلا الله سبحانه" . قال ابن الحصار : وكذلك "مالك يوم الدين" و "مالك الملك" لا ينبغي ان يختلف في أن هذا محرم على جميع المخلوقين كتحريم ملك الأملاك سواء ، واما الوصف بمالك وملك وهي : السابعة عشرة : فيجوز ان يوصف بهما من اتصف بمفهومهما ، قال الله العظيم : " إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا" . وقال صلى الله عليه وسلم : "ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة" . الثامنة عشرة : إن قال قائل : وكيف قال : "مالك يوم الدين" ويوم الدين لم يوجد بعد ، فكيف وصف نفسه بملك ما لم يوجده ؟ قيل له : اعلم أن مالكاً اسم فاعل من ملك يملك ، واسم الفاعل في كلام العرب قد يضاف الى ما بعده وهو بمعنى الفعل المستقبل ويكون ذلك عندهم كلاماً سديداً معقولاً صحيحاً ، كقولك : هذا ضارب زيد غدا ، أي سيضرب زيداً . وكذلك : هذا حاج بيت الله في العام المقبل ، تأويله سيحج في العام المقبل ، أفلا ترى ان الفعل قد ينسب اليه وهو لم يفعله بعد ، وإنما أريد به الاستقبال ، فكذلك قوله عز وجل : "مالك يوم الدين" على تأويل الاستقبال أي سيملك يوم الدين أو في يوم الدين إذا حضر . ووجه ثان : ان يكون تأويل المالك راجعاً الى القدرة ، أي إنه قادر في يوم الدين ، أو على يوم الدين وإحداثه ، لأن المالك للشيء هو المتصرف في الشيء والقادر عليه ، والله عز وجل مالك الأشياء كلها ومصرفها على إرادته ، لا يمتنع عليه منها شيء . والوجه الأول أمس بالعربية وأنفذ في طريقها ، قاله أبو القاسم الزجاجي . ووجه ثالث : فيقال لم خصص يوم الدين وهو مالك يوم الدين وغيره ؟ قيل له : لأن في الدنيا كانوا منازعين في الملك ، مثل فرعون ونمروذ وغيرهما ، وفي ذلك اليوم لا ينازعه أحد في ملكه ، وكلهم خضعوا له ، كما قال تعالى: "لمن الملك اليوم" فأجاب جميع الخلق : "لله الواحد القهار" فلذلك قال : مالك يوم الدين ، أي في ذلك اليوم لا يكون مالك ولا قاض ولا مجاز غيره ، سبحانه لا إله إلا هو . التاسعة عشرة :إن وصف الله سبحانه بأنه ملك كان ذلك من صفات ذاته ، وإن وصف بأنه مالك كان ذلك من صفات فعله . الموفية العشرين : اليوم : عبارة عن وقت طلوع الفجر الى وقت غروب الشمس ، فاستعير فيما بين مبتدأ القيامة الى وقت استقرار أهل الدارين فيهما . وقد يطلق اليوم على الساعة منه ، قال الله تعالى : "اليوم أكملت لكم دينكم" . وجمع يوم أيام ، وأصله أيوام فأدغم ، وربما عبروا عن الشدة باليوم ، يقال : يوم أيوم ، كما يقال : ليلة ليلاء . قال الراجز . نعم أخو الهيجاء في اليوم اليمي وهو مقلوب منه ، أخر الواو وقدم الميم ثم قلبت الواو ياء حيث صارت طرفا ، كما قالوا : أدل فيجمع دلو . الحادية عشرة : الدين : الجزاء على الأعمال والحساب بها ، كذلك قال ابن عباس وابن مسعود و ابن جريج و قتادة وغيرهم ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ويدل عليه قوله تعالى : "يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق" أي حسابهم . وقال : "اليوم تجزى كل نفس بما كسبت" و "اليوم تجزون ما كنتم تعملون" وقال : " أإنا لمدينون " أي مجزيون محاسبون . وقال لبيد : حصادك يوما ما زرعت وإنما يدان الفتى يوما ما هو دائن وقال آخر : إذا ما رمونا رميناهم ودناهم مثل ما يقرضونا وقال آخر: واعلن يقينا أن ملكك زائل واعلم بأن كما تدين تدان وحكى أهل اللغة : دنته بفعله ديناً ( بفتح الدال ) وديناً ( بكسرها ) جزيته ، ومنه الديان في صفة الرب تعالى أي المجازي ، وفي الحديث : الكيس من دان نفسه أي حاسب . وقيل : القضاء . روي عن ابن عباس أيضاً ، ومنه قول طرفة : لعمرك ما كانت حمولة معبد على جدها حربا لدينك من مصر ومعاني هذه الثلاثة متقاربة . والدين أيضاً :الطاعة ، ومنه قول عمرو بن كلثوم : وأيام لنا غر طوال عصينا الملك فيها أن ندينا فعلى هذا هو لفظ مشترك وهي : الثانية
والعشرون قال ثعلب : دان الرجل إذا اطاع ،ودان إذا عصى ، ودان إذا عز ، ودان إذا ذل ، ودان إذا قهر ، فهو من الأضداد . ويطلق الدين على العادة والشأن ،كما قال : كدينك من أم الحويرث قبلها وقال المثقب يذكر ناقته : تقول إذا درأت لها وضيني أهذا دينه ابداً وديني والدين سيرة الملك . قال زهير : لئن حللت بجو في بني أسد في دين عمرو وحالت بيننا فدك أراد في موضع طاعة عمرو . والدين : الداء ، عن اللحياني . وأنشد : يا دين قلبك من سلمي وقد دينا