بسم الله الرحمن الرحيم.. قوله تعالى {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا} الآية.
أخبرنا أبو القاسم بن أبي نصر الخزاعي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن حمدويه قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي قال: حدثنا سفيان عن الأعمش، عن يحيى بن عمارة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: مرض أبو طالب، فجاءت قريش وجاء النبيّ صلى الله عليه وسلم، وعند رأس أبي طالب مجلس رجل، فقام أبو جهل كي يمنعه ذلك، فشكوه إلى أبي طالب فقال: يا ابن أخي ما تريد من قومك؟ قال: (يا عمّ إنما أريد منهم كلمة تذل لهم بها العرب وتؤدي إليهم الجزية بها العجم)، قال: وما الكلمة؟ قال: (كلمة واحدة)، قال: ما هي؟ قال: (لا إله إلا الله)، فقالوا: أجعل الآلهة إلها واحدا؟ قال: فنـزل فيهم القرآن: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ} حتى بلغ {إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ}.
قال المفسرون: لما أسلم عمر بن الخطاب شق ذلك على قريش وفرح المؤمنون، قال الوليد بن المغيرة للملأ من قريش وهم الصناديد والأشراف: امشوا إلى أبي طالب، فأتوه، فقالوا له: أنت شيخنا وكبيرنا قد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء، وإنا أتيناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك، فأرسل أبو طالب إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فدعاه فقال له: يا ابن أخي هؤلاء قومك يسألونك ذا السواء فلا تمل كل الميل على قومك، فقال: (وماذا يسألوني؟) قالوا: ارفضنا وارفض ذكر آلهتنا وندعك وإلهك، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: (أتعطوني كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم؟) فقال أبو جهل: لله أبوك لنعطينكها وعشر أمثالها، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: (قولوا لا إله إلا الله)، فنفروا من ذلك، وقاموا فقالوا: أجعل الآلهة إلهًا واحدًا، كيف يسع الخلق كلهم إله واحد؟! فأنـزل الله تعالى فيهم هذه الآيات إلى قوله: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ}.